ولاية آدرار: قلب الصحراء الموريتانية وأيقونة التراث والتنوع
تقع ولاية آدرار شمال موريتانيا، وتعتبر من أكثر مناطق البلاد شهرةً بجمالها الطبيعي وتراثها الثقافي العريق. تجمع الولاية بين التاريخ والموروث الحضاري، وبين التنوع البيئي الذي يجعلها وجهة استثنائية للسياح والباحثين عن الجمال والأصالة. من مدنها التاريخية إلى وديانها وواحاتها الخصبة، تُعد ولاية آدرار واحدة من أغنى مناطق موريتانيا بالتنوع الثقافي والبيولوجي.
الموقع والمساحة
تغطي ولاية آدرار مساحة تُقدر بحوالي 235,000 كيلومتر مربع، ما يعادل 22.65% من إجمالي مساحة موريتانيا. تحدها من الغرب ولاية إينشيري، ومن الجنوب ولاية تكانت، ومن الشمال ولاية تيرس الزمور، ومن الشرق المجابات الكبرى. وتمثل الولاية نقطة التقاء تاريخية وثقافية تجمع بين مختلف مناطق الشمال الموريتاني.
السكان والتعداد
وفقًا للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2023، بلغ عدد سكان ولاية آدرار 71,623 نسمة، منهم 36,913 من النساء. وتعد مدينة أطار، عاصمة الولاية، أكبر مدنها وأهمها، حيث يقدر عدد سكانها بحوالي 20,000 نسمة.
مدينة أطار: عاصمة الولاية
تقع مدينة أطار على بعد 450 كيلومترًا شمال العاصمة نواكشوط، وهي عاصمة ولاية آدرار وأكبر مدنها. تأسست المدينة في القرن الثامن الهجري بالقرب من مدينة أزوكي التاريخية التي شهدت انطلاق دعوة المرابطين في القرن الخامس الهجري. أطار ليست مجرد مركز إداري، بل هي قلب ينبض بتاريخ المنطقة وحاضرها.
الموقع والمناخ
تتميز أطار بموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط مدن الشمال الموريتاني. ترتبط بالعاصمة نواكشوط عبر طريق بري معبد، ويحدها من الجنوب مقاطعة أوجفت، ومن الجنوب الغربي اكجوجت، ومن الشرق مقاطعتي شنقيط ووادان. مناخها صحراوي حار، حيث تصل درجات الحرارة صيفًا إلى 40 درجة مئوية، بينما تنخفض شتاءً إلى حوالي 20 درجة مئوية. معدل الأمطار السنوي يتراوح بين 100 و300 ملم.
البنية التحتية
تضم أطار العديد من المنشآت الحيوية، منها:
- المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة: تعتبر من أهم المدارس العسكرية في موريتانيا، حيث يتخرج منها سنويًا عشرات الضباط.
- المرافق الصحية والتعليمية: تضم مستشفى ومستوصفًا وعددًا من النقاط الصحية، بالإضافة إلى ثانويتين، سبع إعداديات، ومدارس ابتدائية، ومعهد مالك بن أنس للعلوم الإسلامية.
- المطار الدولي: يستقبل المطار رحلات جوية دولية، خاصة من السياح الأوروبيين الذين يزورون المنطقة.
التقسيم الإداري
تتألف ولاية آدرار من أربع مقاطعات رئيسية، وهي:
- مقاطعة أطار: تضم بلديات أطار، شوم، عين أهل الطايع، والطواز.
- مقاطعة شنقيط: تضم بلديتي شنقيط وعين الصفرة.
- مقاطعة وادان: تضم بلدية وادان.
- مقاطعة أوجفت: تضم بلديات أوجفت، معدن العرفان، انتيركنت، والمداح.
الزراعة وواحات النخيل
تعد الزراعة، وخاصة زراعة النخيل، العمود الفقري للاقتصاد المحلي في ولاية آدرار. تضم الولاية حوالي 53 واحة نخيل تغطي مساحة تقارب 1,876 هكتارًا، ما يمثل نحو 50% من إجمالي مساحات النخيل في موريتانيا. تنتج واحات آدرار حوالي 13,000 طن من التمور سنويًا، والتي تعتبر من أجود أنواع التمور في البلاد.
فضلاً عن إنتاج التمور، تنشط زراعة الخضروات تحت ظلال النخيل، مما يجعل المنطقة من أكبر منتجي الخضروات في موريتانيا. في عام 2006، سجل فائض إنتاج الجزر أكثر من 1,500 طن، يتم تصديرها إلى العاصمة ومدن أخرى.
السياحة: كنز ولاية آدرار
تُعد آدرار وجهة سياحية بارزة، حيث تجمع بين السياحة الثقافية والطبيعية. من أبرز معالمها السياحية:
- مدينة أطار: تتوفر مدينة أطار على معالم أثرية بارزة ومكتبات عريقة بالإضافة إلى متاحف للصور والمقتنيات النفيسة.
- مدينتا شنقيط ووادان: مصنفتان ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، لما تضمانه من مكتبات قديمة وقصور أثرية.
- عين الصحراء أو هيكل الريشات: ظاهرة جيولوجية فريدة تجذب الزوار والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
- موسم "الكيطنة": موسم سياحي وزراعي يزدهر فيه إنتاج التمور، ويشهد أنشطة ثقافية واحتفالات محلية.
عدد السياح
خلال الموسم السياحي 2022-2023، استقبلت مدينة أطار 1,054 سائحًا أوروبيًا عبر 12 رحلة جوية. بالإضافة إلى ذلك، وصل المئات من السياح براً باستخدام السيارات والدراجات النارية، مما يعكس جاذبية المنطقة المتزايدة رغم التحديات.
التراث والتاريخ
تشتهر آدرار بتاريخها العريق الذي يمتد لقرون. كانت مدينة أزوكي القريبة من أطار موقعًا لانطلاق دولة المرابطين، كما تضم قبر الإمام الحضرمي، أحد أبرز علماء تلك الفترة. بالإضافة إلى ذلك، كانت الولاية مقرًا لإمارة آدرار، إحدى أهم الإمارات الموريتانية في عصر ما قبل الاستعمار.